TEDx Cairo المحاورة مي الشربيني تكتب عن مشاركة المناظرات العربية الجديدة بمؤتمر

01/08/2012

تزداد الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية قسوة هذه الأيام فتملأ أجواء القاهرة ومعظم العواصم العربية بشحنات سلبية علينا أن نعيش فيها، نعمل ونفكر وننتج ونُشارك ونتميز، ليس هذا فقط بل نتوقع من أن أنفسنا أيضاً أن نَسعد ونُسعد الآخرين!

سط هذه المعادلة التي تبدو مستحيلة، يمكن ليوم واحد استثنائي أن يُقوي كالسحر طاقتك الإيجابية. مؤتمرTEDx Cairo في الأول من ديسمبر كان هذا اليوم. الكل كان ملتزماً بحرية.. ملتزماً بالوقت، بالحديث من القلب، بالاستماع، بالإيجابية، بتقدير الآخر، بإدراك قوة الكلمة، والأهم.. بالابتسامة.
هكذا كان اليوم الذي شاركت فيه “مناظرات العرب الجديدة” مع تدكس بإقامة نموذج قصير لمناظرة فكرية كان طرحها: “تتحقق التنمية في مصر بالتجربة لا بالنظرية”.
بالإضافة إلى أن خلفيتهما الدراسية واحدة حيث درسا العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، كان المتناظران متمتعين ببعض الصفات المشتركة، القوة في التعبير، الطلاقة، حيوية الشباب في السن والروح معاً وتقدير الجمهور لهما تقديراً ملحوظاً.
تحدث سيف أبو زيد دفاعاً عن الطرح. وسيف هو المدير التنفيذي لمؤسسة “نبضات” غير الربحية التي تعمل على تحسين التعليم وزيادة الوعي السياسي ومحاربة الفقر وهي المؤسسة الأم لأكاديمية التحرير لنشر التعليم البديل. يعمل سيف أبو زيد في مجالات السياسة والحريات والحقوق الشخصية ويرأس وحدة التخطيط الاستراتيجي في حزب “مصر القوية” وهو أحد مؤسسيه.
أما المتحدث ضد طرح “تتحقق التنمية في مصر بالتجربة لا بالنظرية”، فكان ابراهيم الهضيبي الباحث في مؤسسة بيت الحكمة للدراسات الاستراتيجية والمحاضر في امديست. ابراهيم متخصص في الحركات الإسلامية والتحول الديمقراطي والاقتصاد السياسي في الشرق الأوسط، وهو حاصل على دبلومة في الدراسات الإسلامية من المعهد العالي للدراسات الإسلامية.
لم يحتد الحوار بين المتناظرَين ولكن الاختلاف في وجهات النظر كان واضحاً وضوحاً جلياً، فقد اتفق الطرفان على أهمية كلٍ من التجربة والنظرية ولكنهما اختلفا على كون الأولوية للأولى أم الثانية.
يرى سيف أن الحلول تأتي من قاعدة الهرم وليس من قمته، وأن تجربة البرازيل أثبتت ذلك، أما في مصر فعلينا أن ننظر لكل التجارب والنظريات بشرط أن نأتي بتجربتنا القائمة على الخصوصية الجغرافية والاجتماعية وخصوصية الشخصية المصرية. على سبيل المثال، إذا كانت “الفهلوة” إحدى مميزات الشخصية المصرية فلا يجب محاربتها بل الالتفات لها واستثمارها في الحلول.
أما بالنسبة لابراهيم فالعمل بدون نظرية كالسير بدون مقصد محدد، وفي ذلك ضرَب مثالاً بمجموعة أشخاص توجهوا بسيارتهم إلى الإسكندرية وفي نصف الطريق اكتشفوا أنهم متوجهون للاسماعيلية! أما تجربة البرازيل التي ضرب سيف بها المثل للتدليل على كلامه، فقد رأى فيها ابراهيم دليلاً على صحة وجهة نظره هو قائلاً إن إشراك الفرد، صاحب المشكلة في حلها هي في حد ذاتها نظرية تُبنى عليها خطة عمل.
صحيح أن نصف ساعة لا يمكن أن تكون كافية لمناظرة بين الاتجاه العقلي والاتجاه التجريبي حول “النظام الأمثل للتنمية في مصر” وكان هذا تحد كبير للمتحدثين الذين استطاعا تركيز أفكارهما في وقت قصير وأيضاًجذب انتباه الحضور لطبيعة مختلفة من الحوار.
أما التحدي الآخر فقد واجهته خلال إدارتي للمناظرة وأعتقد أن سيف أبو زيد وابراهيم الهضيبي شاركاني فيه. لقد كان لكل متحدث أو مؤدي في هذا اليوم ما يميزه تماماً عن غيره. وكان بعضهم على مستوى غير مسبوق من البساطة والعمق والقدرة على التأثير، ولا أعني ذاك التأثير الذي يأتي بخطة دقيقة وحرفية اختيار الكلمة والحركة ولكن أعني هذا السهل الممتنع الذي يخرج من القلب فيملأ دون مجهود أرواح وأفئدة المئات من الحاضرين. لقد أثاروا دموع الحاضرين وضحكاتهم، تصفيقهم وأحياناً صرخاتهم. وسط هذا المستوى لم يكن أمامنا إلا النجاح في تحدي عقول الحاضرين، في إثارة أسئلتهم و في تحفيزهم على التفكير وإعادة التفكير..
شكراً لمنظمي TEDxوكل المتحدثين فيه ولفريق مناظرات العرب الجديدة. لقد كان يوماً ملهماً.