الربيع العربي قد إنتهى

13/01/2014
تونس

عشية الذكرى الثالثة لانطلاق الثورة التونسية التى قدحت شرارة التغيير في المنطقة، صوت غالبية التونسيين المشاركين في برنامج المناظرات العربية الجديدة ضد عنوان طرح الحلقة:”الربيع العربي انتهى”.

المناظرات العربية الجديدة… التونسيون يصرون على أن الربيع العربي مستمر

 تونس – 13 كانون الثاني/ يناير، 2014 – عشية الذكرى الثالثة لانطلاق الثورة التونسية التى قدحت شرارة التغيير في المنطقة، صوت غالبية التونسيين المشاركين في برنامج المناظرات العربية الجديدة ضد عنوان طرح الحلقة:”الربيع العربي انتهى”.

وفي ختام المناظرة بنسختها العربية في تونس مساء الاثنين، صوت برفع الأيدي 66 % من جمهور المناظرة الشبابي مؤيدا فكرة أن الربيع العربي ما انفك يستعر في بلادهم منذ تفجّرت الثورة عقب انتحار بائع خضار حرقا قبل ثلاث سنوات. وانقسم الحضور بصخب بين مساندة حزب النهضة الإسلامي الحاكم وتأييد المعارضة العلمانية واليسارية.

وأظهرت نتائج التصويت في ختام المناظرة ارتفاعا في نسبة الرافضين لعنوانها مقارنة بنتائج التصويت الأولي في مستهلها، على ما لاحظ المنظمون. إذ غيّر 14 % من المصوتين موقفهم المعارض لعنوان المناظرة الى التصويت تأييدا لها.

تحدث مدافعا عن عنوان المناظرة د. ناجي جلول، خبير في التاريخ الإسلامي في جامعة المنوبة متخصص في الحركات الإسلامية وعضو في المكتب السياسي لحزب الجمهوري المعارض قبل ان يستقيل من هذا الموقع في أيلول/ سبتمبر 2013 على خلفية خلافات أيديولوجية مع قيادته.

عارضه في الطرح د. خليل العميري، مكلف بمأمورية لدى الحكومة المستقيلة برئاسة على العريض القادم من حزب النهضة، ومؤسس المعهد العربي للحوكمة. وهو حاصل على دكتوراه في الهندسة من جامعةكارنغي ميللون، بيتسبرغ/ الولايات المتحدة.

وبين المتحاورين انقسم الجمهور المتحمس مناقشا طرحهما المتناقضين تارة بحدة وتارة بحيوية ومرات عديدة بالتصفيق لمنتقدي سياسات حزب النهضة في الحكم أو فشل المعارضة في طرح برامج بديلة لسياسات النهضة. واضطرت مديرة الحوار الإعلامية المصرية مي الشربيني إلى إخراج شاب ذي ميول يسارية أصر على مخالفة تعليمات الحوار مواصلا الصراخ داخل القاعة “الثورة ستستمر”.

اختلف المتحاوران في كل شىء، بدءا بتوقعاتهما لمآلات الوضع الاقتصادي والاجتماعي وانتهاء بالمقاربة حيال الأجواء السياسية التوافقية التي سمحت للنهضة وللمعارضة بالاتفاق على خارطة طريق وتنفيذها لطي الاحتقان الذي لازم المشهد الداخلي منذ اغتيال المعارضين شكري بلعيد والنائب محمد البراهمي على يد جماعات متشددة.

الاتفاقات تلك مهدت لاستقالة رئيس الوزراء النهضوي وتكليف وزير النقل الأسبق المهدي جمعة بتشكيل حكومة محايدة من كفاءات وطنية، بحيث تشرف على الانتخابات التشريعية هذا العام. يسبق ذلك تشكيل لجنة عليا للإشراف على الاقتراع العام. في الأثناء ينتظر أن ينهي المجلس التأسيسي إقرار مسودة الدستور التونسي، الثاني في تاريخ الجمهورية، خلال النصف الثاني من الشهر الحالي بعد أشهر من المراوحة.

د. جلول قال إن الربيع العربي انتهى إلى مصير لا يبعث على الأمل في مصر وسورية وليبيا، موجها اللوم لسياسات حزب النهضة التونسي بعد استلامه مقاليد السلطة عبر بوابة الانتخابات.

 وأصر د. جلول على “أن الربيع العربي تحول إلى كابوس حيث أن ليبيا تحت حكم الميليشيات. وفي سورية قتلة الارواح وأكلة اللحوم البشرية من جماعة النصرة الإسلامية وغيرها غزت بلد سورية البلد العربي الذي لطالما فتح أبوابه لكل فصائل المقاومة. وفي مصر تحول الربيع العربي إلى فوضى”.

وبينما استذكر مطالب الثورة التونسية بالعيش والحرية والكرامة والعدالة والتشغيل، استدرك د. جلول قائلا: “لكن العكس أصبح سيد الموقف”. وتابع:”لم يسلم المثقفون والمبدعون والصحافيون من الاعتداءات ولم يتحقق الاستقرار. وأصبحت تونس تصدر  الدعارة وأصبح التونسي بدون كرامة لأن عدد العاطلين عن العمل والجياع وصل إلى أكثر من 30 %”.  ومضى إلى القول: “بدلا من الحديث عن الكرامة وخلق فرص عمل اصبحنا نتحدث عن التكفير والنقاب والحجاب وقانون المساجد وقانون أوقاف وعن الهوية وعن جهاد النكاح وعن الإرهاب وعن الجلابيب الأفغانية وأصبحنا نكثر بالحديث عن حجاب المرأة وختانها”. ثم ختم بتهكم: “هذه جميعها محاسن الربيع العربي الذي وضع لنا بدون إرادتنا”.

وقلّل د. جلول من شأن الإنجازات السياسية الأخيرة القائمة على خارطة الطريق. وقال “لو طبقوا دستور 1959 لكان أحسن الدساتير”.

من جانبه رأى د. العميري أن تونس تحقق “تطورات استثنائية في المنطقة ضمن مسار واضح قائم على دستور جديد وحرية تعبير وتمثيل أكبر للمرأة ومأسسة للامركزية السياسية للحاكمية الرشيدة وفضلى ممارسات طرح العطاءات الرسمية والفصل بين السلطات الثلاث ودعم الحريات الإعلامية”. واستشهد د. العميري بعديد مقالات في وسائل إعلام غربية أخيرا تشيد بالتجربة التونسية في الانتقال السلمي نحو الديمقراطية، وبإمكانية أن يصبح “الأنموذج التونسي في التغيير مثالا يحتذى لكل الأنظمة الجديدة”.

وأكد أن الدستور الجديد جاء نتيجة “مسار توافقي ولم يكن دستور الأغلبية”. ثم مدح ما أسماه حنكة النخب السياسية التي ارتضت التوافق، وقال: “النموذج التونسي سيكون له تأثير مهم على العالم العربي ونحن على المسار الصحيح مقارنة مع كل التجارب الأخرى”، مشددا على ضرورة بناء الثقة وتعزيزها بين التونسيين.

واعتبر د. العميري أن العديد من تحديات مرحلة ما بعد الثورة جاءت بفعل تركة نظام بن علي “الاستبدادي” وغياب مفهوم الحكومات المؤلفة من ائتلاف أغلبية القوة الفائزة في الانتخابات في وجه معارضة تمثّل حكومة ظل، وأيضا ضعف المجتمع المدني والأحزاب. وقال إن الاقتصاد التونسي في طور التحسن وكذلك معدلات البطالة والفقر رغم أن شركاء تونس التقليديين في أوروبا يمرون بظروف اقتصادية صعبة وكذلك الشريك الليبي الذي يمر سوقه بحالة استثنائية نتيجة عدم الاستقرار السياسي.

وجادل أيضا بأن ممارسات الفساد كانت مستشرية في زمن بن علي، لافتا إلى أن حكومة (النهضة) المستقيلة وضعت العديد من الخطط لإرساء مسارات إصلاح ومحاربة الرشوة، بما في ذلك الإصرار على أن يصرح أي مسؤول كبير عن ثروته قبل استلام المنصب. وطالب سلطات تونس بإرساء آليات مراقبة أفضل وتطوير دور الصحافة الاستقصائية لكشف الثغرات وتعزيز استقلال القضاء.

بعض الحضور انتقدوا د. العميري بسبب إغفاله دور الشباب الذين فجروا الثورة ومحاولات إبقائهم خارج نطاق التأثير على الحياة السياسية بدلا من ان يكونوا جزءا من تحصين التغيير بخبراتهم . لكن د. العميري طالب الشباب بأن “يأخذ حقه بنفسه لا ان ينتظر من يعطيهم إياه ويضعهم في المواقع القيادية”.

 خلال المناظرة التي عقدت في نزل تونس الكبير علت اصوات المتحدثين وقاطعهم الجمهور مرات عدّة.

وبعد الانتهاء من المداخلات  سألت مديرة الحوارات المشاركين بأن يلخصوا بجملة واحدة أكثر ما أحبطه/ها في الربيع العربي؟ تفاوتت الأجوبة بين: النخب أو المعارضة السياسية التي لا تحترم الشعب وغياب الوعي السياسي لدى الساسة وتفاقم البطالة وتكفير الناس والانقلاب العسكري في مصر والفشل السياسي في تونس والدم العربي الذي استبيح في سورية.

وكان مؤسس المناظرات العربية الجديدة الإعلامي البريطاني تيم سباستيان أدار المناظرة بنسختها الإنكليزية- في ذكرى ثورة تونس- مساء الاثنين بمشاركة أستاذة اللغات في جامعة تونس روضة بن عثمان (إلى جانب طرح المناظرة)والمدون والناشط في مجال حقوق الانسانطارق الشنيتي (ضد عنوانها)، بحضور جمهور مختلف.

يشار إلى أن وزارتي الخارجية النرويجية والبريطانية يمولان الموسم الثالث من المناظرات العربية- وهي منصة مفتوحة معنية بحفز المساءلة والمحاسبة في إطار الديمقراطية. وتنظم المناظرات أيضا حملات واسعة للهدف ذاته في مدارس وجامعات عربية، لتشجيع الشباب على المشاركة في تطوير الحياة السياسية من خلال ندوات ونقاشات عامة.

للسنة الثالثة على التوالي، تبث حلقات المناظرات العربية الجديدة – بالعربية والانكليزية- عبر شاشة تلفزيون دويتش فيلله Deutsche Welle   إلى جانب شركائها في الإقليم والعالم، بما في ذلك قنوات هنبعل التونسية، أون تي في ONTV المصرية، رؤيا الأردنية والوطن الفلسطينية في رام الله.

تعليقات

Comments have been disabled.

Share this