من خلال المناظرات و الأنشطة الأخرى التي قمنا بها على مدار أسبوع قضيناه في العاصمة الأردنية، لاحظت بضعة نقاط

01/12/2013

كان من الطبيعي أن نبدأ  الموسم الثالث للمناظرات العربية الجديدة (الثاني باللغة العربية) بالقضية السورية التي تشهد 7 مليون مأساة إنسانية.. 2 مليون سوري غادروا بلدهم ليعيشوا بمخيمات اللاجئين في دول الجوار وخمسة مليون رُحّلوا من ديارهم إلى أماكن أخرى داخل سوريا.

من خلال المناظرات و الأنشطة الأخرى التي قمنا بها على مدار أسبوع قضيناه في العاصمة الأردنية، لاحظت بضعة نقاط:

–         إرتفاع سقف التوقعات لدى جمهور الحاضرين. لم يكن من السهل مناقشة طرح المناظرة: “الغرب خذل الشعب السوري”. تعددت الزوايا التي نظر من خلالها المتناظران والجمهور الحاضر إلى هذه القضية وكانت التوقعات عالية إلى درجة تبعد عن الواقعية في بعض الأحيان؛ البعض انتظر حلاً للقضية في نهاية المناظرة والبعض الآخر توقع الخروج برأي واحد متفق عليه والأغلبية التي أبدت تفاعلاً وشغفاً اشتكى الكثير منها باستياء كبير من عدم إعطاءهم الفرصة للمشاركة وطرح أسئلتهم مع العلم أن مئات كانوا يطلبون الكلمة في المناظرة التي لا تزيد مدتها عن 90 دقيقة. بالرغم من أن مثل هذه التوقعات تمثل ضغطا مهنيا عليّ وعلى فريق العمل خلال إدارة المناظرة إلا أنها من ناحية أخرى تزيد من رضائي المهني  إذ أرى فيها اهتمام الحاضرين وثقتهم في أن المناظرات العربية الجديدة هي ساحة المشاركة بالكلمة الحرة والسؤال الجريئ.

–         إن تشابك وضبابية وسرعة الأحداث في المنطقة العربية يزيد من مساحة ودرجات الرمادي بين الأبيض والأسود في الحياة السياسية في هذه المنطقة وهو ما بدأ ينعكس فعلاً على الرؤى المختلفة للمتحدثين والحضور أيضاً. لم تكن الأمور في أي وقت مضى شديدة الوضوح ولكن ما وصلت إليه الآن جعلت من الصعب على المواطن أن يحدد موقفه بوضوح وثبات من قضية واحدة أو طرح محدد، وقد يظل الأمر هكذا لعدة سنوات.

هل ستصب الأحداث السياسية من المحيط إلى الخليج في مصلحة المواطن أم مصلحة الحاكم؟ أم أننا سنشهد مساحات أوسع على الخرائط السياسية تتقابل فيها مصالح الطرفين وأيضاً مصالح أطراف سياسية أخرى؟ في ظل أي مشهد قد يستقر، كيف ستتأثر ساحات التعبير عن الرأي مثل المناظرات العربية الجديدة سلباً أو إيجاباً؟

لا يسعنا إلا أن نُبقي هذه التحديات في أذهاننا ونرى ما ستؤول إليه الأمور، متمسكين بمبادئنا المهنية.

–         إن مستوى التحدي والرغبة الحقيقية في الإلمام بأدوات مهنة الصحافة ظهر جلياً لدى الكثير من ضمن مئات الدارسين الذين قابلناهم خلال ورش العمل والمحاضرات، سواء في جامعة اليرموك أو معهد الإعلام الأردني أو نوادي المناظرات التي بدأت تنتشر في الأردن.

بعض هؤلاء الدارسين انتقدوا الإعلام العربي وما به من استقطاب. وعلى الجانب الآخر، وهو ما أحترمه وأسعد به دائماً، تمسك العديد من الدارسين بأن المهنية الصحافية هي الحل الوحيد. لذلك فإن شغفهم في الاستفادة من وجود تيم سيباستيان، وهو من أقدر وأشهر صحافيي العالم و إغماره بوابل من الأسئلة حول العمل الصحافي، ربما أرهقه ولكنه أسعدني. أعلم أنه  يتفهم لماذا أسعدني ما أرهقه! في الأغلب أسعده أيضاً !

بالنهاية أشكر ثلاثة أطراف تحديداً: الجمهور الذي أتى من أماكن تبعد ساعات عن عمّان لحضور المناظرات. شباب مؤسسة ديوانية الذي تعاون معنا بوعي ومهنية ورغبة صادقة في نجاح المناظرات، فريق عمل المناظرات الذي يجعل لي العمل متعة لا عبئا.

إلى لقاء قادم من تونس.