غالبية المشاركين في برنامج “المناظرات العربية الجديدة”يؤيدون اندلاع ثورة ثانية لتصحيح المسار

27/06/2012

القاهرة، 27 حزيران/ يونيو، 2012 – صوّت غالبية المشاركين في برنامج المناظرات العربية الجديدة لصالح ثيمة الحلقة: “هذا الجمهور يعتقد بأن مصر تحتاج إلى ثورة ثانية”، وذلك بالتزامن مع عودة آلاف المحتجين إلى ميدان التحرير.

وسجّلت هذه الحلقة لأول مرّة باللغة العربية وقدمتها الصحافية التلفزيونية المصرية مي الشربيني التي عملت بفضائية العربية مع انطلاقتها ثم انتقلت لتقديم البرنامج المصري الشهير “90 دقيقة من القاهرة”.

وفي ختام مناقشات حادّة ومداخلات ساخنة بين كلمات المتحاورين — وائل قنديل، مدير تحرير صحيفة “الشروق” المصرية الذي أيّد ثيمه الحلقة والناشط السياسي هشام قاسم الذي عارضها– صوت 63.4 % من الحضور الشبابي لصالح الفكرة مثار النقاش فيما عارضها 36.6 %.

تلك النتيجة أظهرت قفزة كبيرة في موقف الجمهور عن تصويت أولي أجراه المنظمون قبل بدء التسجيل مساء الثلاثاء في قاعة الحكمة (مركز الصاوي الثقافي/ الزمالك).  ذلك أن 48.9 % من الحضور كانوا أيدوا فكرة الحلقة مقابل معارضة 51.1 %.

وتوافق المتحدثون على أن الثورة التي تطالب ب”عيش، حرية، عدالة اجتماعية وكرامة انسانية” شهدت عدة انتكاسات، لكنهما أختلفا جول مدى تقييمهما للمعطيات والجهّات التي وقفت وراء ذلك. وتياعدت مواقفهما بشأن الحاجة إلى ثورة جديدة أو توفير فرصة لإصلاح الاخطاء التي أطاحب بالرئيس حسني مبارك وأدّت إلى تولي مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي الى تولي الرئاسة.

لكنهما توقعا إجراء انتخابات نيابية جديدة خلال عام بعد الانتهاء من صوغ الدستور، تليها أنتخابات رئاسية.

قنديل أنحى باللائمة بشكل كبير على سياسات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، معتبرا أنه أدار المرحلة الانتقالية “بطريقة ذكية وضمن سيناريو منظم” وضع خلالها “صواعق كثيرة” بدءا بالاستفتاء على الدستور، تشكيل مجلس دفاع وطني غلب عليه العسكر وانتهاء بإصدار الإعلان المكمل للدستور لتطويع سلطات الرئيس المنتخب. تزامن ذلك مع انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان، وحملة لتخويف المجتمع من الفوضى والإنهيار الاقتصادي.

في المقابل، قال قاسم إن أداء النخبة السياسية المتصارعة التي تصدّرت المشهد السياسي وطمعت بالسلطة عقب الإطاحة بالرئيس وغياب برنامج سياسي واضح لتأطير هذا الحراك ضمن مسار سياسي ساهموا في دفع البلاد إلى هذه الحال. ورأى أن هذه القوى التي استأثرت بالمشهد لم تفعّل أي شىء لمحاكاة هموم أكثر من 40 % من السكان ممن يعيشون تحت خط الفقر.

عاد قنديل ليؤكد أن “موجات” من الثورة ستستمر لحين بروز قيادات جديدة أكثر التصاقا بالشارع وهمومه مدعومة بوعي جديد شبابي قيد التشكّل. فالانتهاكات التي وقعت خلال الثمانية عشر شهرا الماضية على “حقوق المواطن المصري تفوق ما حصل في عصر (حسني) مبارك”. وطلب قنديل من الرئيس مرسي الذي سيستلم السلطة يوم السبت،  “مشاركة طموح الشعب المصري في عمله على تحرير منصب الرئيس من المجلس العسكري”.

قاسم قال من جانبه: “الناس تقول اعملوا مسارا سياسيا فننضم اليكم. لكن البلد لا تدار من ميدان التحرير ومن ثقافة احتجاج”. وتابع قائلا :”أتفق مع وائل بأن هناك أخطاء حصلت من العسكر، واختلاق ازمات، لكن هل تتحمل البلاد المزيد من الاضطراب الاقتصادي والسياسي؟ لا توجد طريقة للخلاص من نظام العسكر إلا عبر خلق مسار سياسي يدفع بالبلاد قدما”.

غالبية الحضور طرحوا أسئلة جرئية حملت طابعا استفزازيا للمتحدثين.

قالت معلمة إن النخبة السياسية بما فيها التيارات الاسلامية غير متصلة بهموم الشارع لافتة إلى وعي الشارع سبق النخبة، إذ أدرك العديد “بأن الدين ليس هو ما سيؤدي الى حياة أفضل”. وطالب شاب “بعزل النخبة السياسية لأن الشيء الوحيد الذي تغير منذ الثورة هو الانتقال إلى التوقيت الصيفي في البلاد”.

وقالت شابة إنها “ضد حل المجلس العسكري أو إبعاده عن المشهد السياسي”. ورأى آخر أن “الاعلام الفاسد هو من خلق هذه النخبة السياسية”.

شاب آخر استبعد أن يكون للرئيس القادم أي صلاحيات، وحمّل المجلس العسكري مسؤولية “ما وصلنا اليه وسيستمر بلعبته” لبقاء السلطة في يديه. وقال شاب آخر “رئيس الجمهورية (مرسي) هو موظف أو سكرتير عند المجلس العسكري”.

وسألت مدرسة أقتصاد في الجامعة الامريكية في القاهرة إذا كان الاقتصاد المصري المتعثر قادر على تحمل ثورة ثانية؟ فرد عليها قنديل: “بمجرد نقل السلطة من العسكر ستأتي الأموال والاستثمارات”. بينما زاد قاسم “ان الاقتصاد يتحسن مع الاستقرار”.

البرنامج الذي انطلق بعد الثورات في تونس ثم مصر مطلع 2011، سجّل لغاية اليوم عشر حلقات باللغة ألانجليزية بإدارة مؤسس الحوارات العربية الجديدة الإعلامي المخضرم تيم سباستيان المرتكز على تجربة حافلة حصد خلالها جوائز عالمية. وشكّلت ذروة خدمته في تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) لقاء برنامج “كلام قاس” (هارد توك).

البرنامج الحواري بتمويل من برنامج الشراكة التابع لوزارة الخارجية البريطانية والوكالة السويدية للتعاون الدولي.  وتشكل الحوارات العربية الجديدة منبرا واسع الانتشار صمّم لحفز المساءلة الديمقراطية في دول التحول على المشاركة في إدارة شؤون بلادهم وتطوير الحياة السياسية فيها، من خلال التحاور في العلن.

 تبث المناظرات على فضائية “دويتشه فيليه” الألمانية باللغتين العربية والانجليزية، وعلى قناتي”الحياة” المصرية و “هنبعل” التونسية وتلفزيون وخدمة الاذاعة العامة (PBS) في أمريكا بالاضافة إلى تلفزيونات عربية شريكة.