جمهور المناظرات العربية الجديدة يتساوى في نظرته حيال أولوية المال أم الحريّات

18/04/2014

تونس – 18 نيسان/ إبريل، 2014 –  صوّت 51 % من جمهور تونسي غالبيته من الشباب إلى جانب عنوان حلقة المناظرات العربية الجديدة: “الازدهار والاستقرار أهم من الحريات”.

هذه النتيجة شبة المتساوية تقريبا أعقبت مناقشات حيوية بين المتناظرين الرئيسيين وبينهم وبين الجمهور مساء الخميس، ساهمت في قلب موقف المشاركين قبل تسجيل الحلقة، حين صوت 25 % مع الطرح مقابل معارضة 75 % من الحضور، بمن فيهم طلاب جامعات ونشطاء حقوق انسان وحزبيون.

سجلت المناظرة في فندق تونس الكبير The Tunis Grand Hotel، المعروف أيضا باسم (غراند هوتيل موناستير)، المنزه 7، آريانا/ تونس العاصمة، بالتزامن مع تنامي شكاوى مواطنين من ارتفاع الأسعار وتراجع الاستثمارات الخارجية والسياحة مع تناسل نسب الفقر والبطالة.

جادل دفاعا عن عنوان المناظرة خبير المال والاقتصاد وليد حدوق – العضو البارز في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية العلماني بقيادة رئيس الجمهورية منصف المرزوقي، في مواجهة منير بن هنية- عضو في المجلس الوطني التأسيسي عن حزب النهضة الإسلامي.

تشابهت آراء المتحدثين حيال قيم الحريات الشخصية والمجتمعية التي تساهم في حماية وتعزيز الحريات وخيار المسار الديمقراطي خلال المرحلة الانتقالية، بما فيها سن دستور توافقي ذو سقف حريات عالي وغير مسبوق في المنطقة. لكنهما اختلفا حيال الأولويات وأهداف المرحلة الحالية.

حدوق اصر على أن أولوية الاستقرار الأمني والإزدهار السياسي لا تعني نسف الحريات التي تحققت منذ 2011 مكرّسة الحقوق الفردية والجماعية في إطار دستور أقر قبل أشهر. وبينما أكد أن هذه الحقوق مترسخة في البنية الثقافية والاجتماعية لغالبية التوانسة، أوضح حدوق في المقابل أن الأساس “المادي والواقعي” للحريات والحقوق المكتسبة هو توفير الازدهار الاقتصادي والاستقرار الامني.

وقال حدوق: “ما يمكن أن يعود بتونس إلى الوراء ويدخلنا في نفق معتم هو التدهور الأمني والاقتصادي والاجتماعي الذي قد يعطي ذريعة تصبح مسنودة شعبيا لعودة خطاب النظام القديم وعودة التصور الاستبدادي السلطوي الذي يفرض التخيير على الشعب بين الحقوق والحريات من جهة أو الازدهار الاقتصادي من جهة أخرى”.

في المقابل، قال بن هنية إنه “لا تقدم ولا استقرار بدون الحريات والعدالة لأنها هي الضامن لتقدم الرقي والاستقرار لأي شعب”. وتابع أن شعار الثورة التونسية كان واضحا، إذ طالب الشعب بالكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية “لأنه يعرف أنه بعد أن يتحقق ذلك سيأتي الازدهار الاقتصادي”.

وتابع قائلا: “الوضع الاقتصادي في تونس لم يتراجع نتيجة الثورة إنما بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية في أوروبا واقتصاد تونس مرتبط بجواره. وأضاف أن الحرية “هي الوسيلة والغاية بعكس الأمن والإستقرار وهما وسيلة لتحقيق الغاية”.

وقال بن هنية إن الأوضاع الاقتصادية، بما فيها نسب بطالة مرتفعة وبخاصة بين الشباب جاءت نتيجة سنوات “من الاستبداد والمحسوبية وأيضا النظام التعليمي الذي خرّج العديد من الشباب دون توجيههم الى احتياجات سوق العمل، إضافة إلى أنه لم يكن هناك برامج جدية لتشجيع السكن”.

الحضور بدورهم انقسموا حول محاور النقاش.

طالب سأل بن هنية “ماذا تعني كلمة حرية لشخص جائع”؟ وقال آخر إن الأمن والاستقرار وحل تحدي غلاء المعيشة على رأس أولوياته. وقال ثالت إنه يعارض طرح المناظرة من حيث المبدأ لأنه يجب أن لا تكون هناك “مقايضة بين الحريات السياسية وحقوق المواطنين وبين الأمن والاستقرار والرخاء الاقتصادي”. وتوقع رابع “أن يتعارك الناس إذا كان هناك فقط حرية دون فرص عمل”.

وعندما سألت مديرة المناظرة الزميلة مي الشربيني الحضور من منهم يعتقد بأن حال المواطن التونسي بات أفضل بعد الثورة؟ رفع العشرات أيديهم مؤيدين. وأردفت طالبة أن الحريات الإعلامية الجديدة هي التي كشفت التدهور الاقتصادي، إذ لم يكن ذلك بالأمر الممكن زمن بن علي. وتابعت أن كشف الحقائق سيساعد على الوصول إلى حلول لهذه الأوضاع.

وأعرب مشارك آخر عن استغرابه من قول سياسي ما “إن الازدهار الاقتصادي قبل السياسي لأن الحرية قيمة ينعم بها الجميع وهي أولوية مجتمعية وليست طبقية والغالبية تربح من الحريات”.

وقال شاب آخر إنه لا ازدهار سياسي دون حريات مضيفا أنه لا يرضى بالعيش على طريقة المثال “السلطاني الخليجي”، حيث تغدق الحكومات الغنية الاموال على المواطنين لألهائهم عن المطالبة بحقوقهم وبمحاربة الفساد.

 يذكر أن المناظرات العربية الجديدة تشكّل منبرا حرا لحفز المساءلة والمحاسبة في إطار الديمقراطية، بتمويل وزارتي الخارجية النرويجية والبريطانية. تواكب هذه المناظرات حملات واسعة للهدف ذاته في مدارس وجامعات عربية، ضمن مسعى تشجيع الشباب على المشاركة في تطوير الحياة السياسية من خلال ندوات ونقاشات عامة.

للموسم الثالث، تبث حلقات المناظرات – بالعربية والانكليزية- عبر شاشة تلفزيون دويتش فيلله Deutsche Welle   إلى جانب شركائها في الإقليم والعالم، بما في ذلك قنوات حنبعل التونسية، أون تي في On TV المصرية، رؤيا الأردنية والوطن الفلسطينية في رام الله.